اتصل بنا للحصول على مزيد من المعلومات

بنغلادش

محمد يونس: الخبير الاقتصادي صاحب الرؤية ومسار بنجلاديش نحو المستقبل

SHARE:

تم النشر

on

محمد يونس، رجل أعمال اجتماعي وخبير اقتصادي من بنغلاديش ومؤسس بنك جرامين (في الصورة)يُحتفى به دوليًا لجهوده الرائدة في مجال الأعمال الاجتماعية والائتمان الصغير. ولد يونس في 28 يونيو 1940 في شيتاغونغ، وقد قدم مساهمات كبيرة في التخفيف من حدة الفقر من خلال استراتيجيات مالية مبتكرة. حصل يونس على جائزة نوبل للسلام في عام 2006، وهو يمثل شخصية الأمل والتحول، ويدافع عن الشمول المالي وريادة الأعمال على مستوى القاعدة الشعبية. لم تعمل رؤيته على إعادة تشكيل المشهد الاقتصادي في بنغلاديش فحسب، بل أثرت أيضًا على الجهود العالمية نحو القضاء على الفقر. بصفته المستشار الرئيسي للحكومة المؤقتة الحالية في بنغلاديش، يواجه البروفيسور يونس أعظم فرصة له وكذلك أعظم تحد له لبناء بنغلاديش شاملة وتقدمية وديمقراطية حقًا وخالية من الفساد، كتب كولن ستيفنز.

ثورة التمويل الأصغر وبنك جرامين
إن أبرز إسهامات يونس تتلخص في تطويره لنظام الإقراض الصغير من خلال بنك جرامين الذي أسسه في عام 1983. وكان مفهوم الإقراض الصغير ـ تقديم قروض صغيرة للأفراد الفقراء الذين يفتقرون إلى القدرة على الوصول إلى الخدمات المصرفية التقليدية ـ ثورياً. ومن خلال توسيع نطاق الخدمات المالية لتشمل الفقراء، وخاصة النساء، تمكن يونس من تمكين الملايين من الناس من إنشاء مشاريع تجارية مكتفية ذاتياً. وكانت هذه القروض، التي كانت في كثير من الأحيان لا تتجاوز 100 دولار أميركي أو أقل، تمكن الناس من التحرر من دائرة الفقر من خلال إنشاء مشاريع صغيرة مثل الخياطة أو الزراعة أو الحرف اليدوية.

إن النموذج الفريد لبنك جرامين، والذي يتضمن المسؤولية المشتركة ومجموعات الإقراض المجتمعية، يقلل بشكل كبير من معدلات التخلف عن السداد، والتي تظل أقل من معدلات البنوك التقليدية. وبحلول عام 2020، قدم البنك مليارات الدولارات في شكل قروض لملايين المقترضين، وكان أكثر من 97٪ منهم من النساء. وكان لهذا التركيز على تمكين المرأة تأثيرات متتالية في جميع أنحاء المجتمع البنغلاديشي، حيث ترجمت زيادة الوصول إلى التمويل إلى مشاركة أكبر للإناث في الاقتصاد وأدت إلى نتائج تعليمية أفضل، وتحسين رفاهة الأسرة، وزيادة المساواة الاجتماعية.

رؤية وفلسفة محمد يونس

إن جوهر فلسفة يونس يكمن في الإيمان بالقوة التحويلية لريادة الأعمال. وهو يرفض فكرة أن الفقر يشكل جزءاً أصيلاً من المجتمع، ويرى بدلاً من ذلك أنه مفروض بشكل مصطنع من قِبَل أنظمة تستبعد الفقراء من العملية الاقتصادية. وتمتد رؤية يونس إلى ما هو أبعد من مجرد الإقراض الصغير؛ فهو يدافع عن **الأعمال الاجتماعية** ــ الأعمال المصممة لحل القضايا الاجتماعية، حيث يتم إعادة استثمار الأرباح في الشركة بدلاً من توزيعها على المساهمين.

يعتقد يونس أن الفقر يمكن القضاء عليه في غضون جيل واحد من خلال التدخلات الصحيحة. ويتناقض نهجه مع نماذج التنمية التقليدية القائمة على الأعمال الخيرية، والتي يزعم أنها لا تقدم حلولاً مستدامة. وبدلاً من ذلك، يقترح يونس أنه من خلال توفير الأدوات، مثل التعليم ورأس المال، للفقراء، يمكن للأفراد انتشال أنفسهم من براثن الفقر من خلال ريادة الأعمال والاعتماد على الذات.

دور يونس في تنمية بنغلاديش

الإعلانات

لقد شهدت بنجلاديش تحت قيادة وتأثير محمد يونس تغيرات عميقة، وخاصة في المناطق الريفية. ولعبت مبادراته دوراً حاسماً في تحويل البلاد إلى نموذج للتمويل الأصغر والأعمال الاجتماعية. وفي حين تبذل الحكومة المؤقتة في بنجلاديش جهوداً لإدخال إصلاحات رئيسية في البلاد وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام، فإن أفكار يونس ستظل تشكل محوراً للمناقشات حول كيفية ضمان أن يكون النمو شاملاً ويعود بالنفع على أفقر مواطني البلاد.

بالإضافة إلى عمله مع بنك جرامين، أطلق يونس العديد من المبادرات الأخرى التي تهدف إلى تحسين فرص الحصول على التعليم والرعاية الصحية والتكنولوجيا. كما دافع عن مشاريع الطاقة المتجددة لتوفير الكهرباء بأسعار معقولة في المناطق الريفية، ودافع عن الشركات الاجتماعية التي تعالج قضايا مثل سوء التغذية والرعاية الصحية والوصول إلى المياه النظيفة.

مستقبل بنغلاديش تحت قيادة يونس

ورغم أن يونس ليس زعيماً سياسياً بالمعنى التقليدي للكلمة، فإن تأثيره على التنمية والنسيج الاجتماعي في بنجلاديش لا يمكن إنكاره. فقد ساهمت أفكاره ومبادراته في تشكيل المناقشات السياسية وألهمت جيلاً جديداً من رواد الأعمال والمبتكرين الاجتماعيين.

إن بنغلاديش تقف عند مفترق طرق حرج. فقد قطعت البلاد خطوات كبيرة في الحد من الفقر، وتحسين الرعاية الصحية، وتعزيز المساواة بين الجنسين. ومع ذلك، فإنها لا تزال تواجه تحديات مثل عدم المساواة في الدخل، وتغير المناخ، وضمان أن يعود النمو الاقتصادي بالنفع على جميع المواطنين. وتقدم رؤية يونس للأعمال الاجتماعية والشمول المالي خارطة طريق لمعالجة هذه التحديات. وفي مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين الذي اختتم مؤخرا في باكو، أكد البروفيسور يونس على أهمية اتخاذ إجراءات مناخية فورية. وفي بيانه، طرح صيغة عملية للصفر الثلاثة لمكافحة أزمة المناخ العالمية. ويؤكد النهج على ثلاثة أهداف مترابطة: انبعاثات كربونية صافية صفرية، وتركيز ثروة صفري، وبطالة صفرية. ولا يركز اقتراحه على البيئة فحسب، بل إنه إطار شامل لخلق عالم مستدام وعادل.

إن محمد يونس ليس مجرد خبير اقتصادي أو مصرفي؛ فهو يجسد قوة الأفكار في تحويل حياة الناس والمجتمعات. ومن خلال عمله في مجال الإقراض الصغير والأعمال الاجتماعية، قدم يونس نموذجًا للتنمية يضع في المقام الأول الكرامة الإنسانية وتمكين الأفراد والنمو الاقتصادي المستدام. ولا يزال إرثه في بنجلاديش وخارجها يلهم أولئك الذين يؤمنون بعالم خالٍ من الفقر، حيث تتاح لكل فرد الفرصة لبناء مستقبل أفضل.

ومع تقدم بنجلاديش إلى الأمام، لا شك أن رؤية يونس ستستمر في التأثير على مسار الأمة. إن إيمانه بإمكانية كل فرد في المساهمة في المجتمع، عندما يُمنح الأدوات المناسبة، يقدم مخططًا تقدميًا وتمكينيًا لمستقبل بنجلاديش.

حصة هذه المادة:

ينشر برنامج EU Reporter مقالات من مجموعة متنوعة من المصادر الخارجية التي تعبر عن مجموعة واسعة من وجهات النظر. المواقف التي تم اتخاذها في هذه المقالات ليست بالضرورة مواقف EU Reporter.

الأحدث