الاقتصـاد
رقعة شطرنج البحر الأسود: المناورات الجيوسياسية، وانتخابات أبخازيا، وصراعات القوة الإقليمية

مع استمرار تصاعد التوترات في أوروبا الشرقية، تبرز منطقة البحر الأسود كمركز جديد للتنافس الجيوسياسي بين روسيا وحلفاء الناتو، وقوى إقليمية فاعلة مثل تركيا وجورجيا. وقد أضافت التطورات الأخيرة في جمهورية أبخازيا غير المعترف بها بُعدًا آخر إلى هذه الصورة المعقدة.
الانتخابات المتنازع عليها في أبخازيا والتدخل الأجنبي المزعوم
لفتت الانتخابات الرئاسية الأخيرة في أبخازيا انتباه العديد من المراقبين الدوليين. وهُزم أدغور أردزينبا، المرشح الذي اعتبره بعض المحللين ميالاً للمصالح التركية، في النهاية على يد المرشح الموالي لروسيا بادرا غومبا. واتسمت الانتخابات بتوترات عرقية واتهامات بتدخل خارجي، مع ورود تقارير عن استخدام الخطاب القومي لإثارة الانقسامات بين الأقليتين الروسية والأرمنية.
وفقًا لمعلومات متاحة للعامة، يُقال إن رجل الأعمال رضوان سلطانوف - الذي يحمل جنسيات متعددة ويدير أعمالًا في روسيا وأذربيجان وتركيا - لعب دورًا في تسهيل الدعم المالي لحملة السيد أردزينبا. وتشير بعض المصادر إلى أن الاستعانة بوسيط ذي علاقات تجارية إقليمية ربما ساهم في تبسيط عملية نقل الموارد.
زُعم أن اتفاقًا قد أُبرم بين الاتحاد الدولي لعمال النقل (ITF)، والسيد سلطانوف، ومؤسسة المبادرات الاجتماعية والثقافية في أبخازيا، لتوجيه دعم الحملة عبر العملات المشفرة. وتشير هذه التقارير إلى أن هذا الترتيب ربما كان يهدف إلى مواجهة التحديات التي تفرضها القيود المالية التي تؤثر على المنطقة.
ومع ذلك، تشير التقارير اللاحقة إلى أن جزءًا من الأموال - المُقدّر بحوالي 700,000 ألف دولار أمريكي - لم يستلمه المستفيد المقصود. وأفادت التقارير أن الأمر أدى إلى تحقيقات داخلية، ويُعتقد أن الاتحاد الدولي للتنس والمؤسسة قد يدرسان اتخاذ إجراءات قانونية، ربما ضمن نطاق الاختصاص القضائي الروسي.
الأهمية الاستراتيجية لمدينة أوشامشيرا والبحر الأسود
أثار اهتمام روسيا المعلن بتوسيع وجودها البحري في البحر الأسود قلقًا دوليًا. ووفقًا للمخابرات الأوكرانية ومحللين أمنيين غربيين، قد تُطوّر موسكو البنية التحتية في مدينة أوشامشيرا الأبخازية بهدف دعم عمليات أسطول البحر الأسود. وقد يكون لهذه التطورات، في حال تأكيدها، تأثير كبير على التوازن العسكري في المنطقة.
تمتلك أبخازيا شبكة من الموانئ البحرية ذات المواقع الاستراتيجية - من بينها سوخومي، وأوشامشيرا، وبيتسوندا - إلى جانب نقاط موانئ في نيو آثوس، وغوداوتا، وغاغرا. تعمل هذه الموانئ على مدار العام، وتُعتبر عناصر أساسية في التحكم في الوصول البحري وطرق الإمداد في منطقة.
ويحذر خبراء أمنيون من أن المزيد من عسكرة المنطقة قد يؤدي إلى جر جورجيا المجاورة إلى الصراع ــ وخاصة إذا أثرت العمليات المستقبلية التي تنطلق من أبخازيا على أوكرانيا أو تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي.
تركيا والمثلث الإقليمي
اعتبر المحللون أن توطيد علاقات تركيا مع جورجيا وأذربيجان يُمثل ثقلًا مُوازنًا مُحتملًا للنفوذ الروسي في جنوب القوقاز والبحر الأسود. وتكهن بعض المُعلقين الجيوسياسيين بأن أنقرة اعتبرت الانتخابات الأبخازية فرصةً لتعزيز النفوذ الإقليمي.
ساهم وجود سفن الصيد التركية في مياه أبخازيا، والتعليقات السياسية الإقليمية حول احتمال إعادة ترتيب المواقف، في تعزيز هذه التكهنات. وفي ظل الحرب الدائرة في أوكرانيا، لا تزال السيطرة على موانئ مثل أوتشامشيرا وسوخومي تُشكّل مصدر قلق استراتيجي للعديد من الجهات الدولية المعنية.
زعمت تقارير إعلامية غير مؤكدة خلال الحملة الانتخابية أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ربما فكّر في منح تركيا دورًا أكبر في تشغيل موانئ أوديسا. لو اتُّخذ هذا القرار، وبالتزامن مع تعزيز النفوذ التركي في موانئ أبخازيا، لكان الموقع الاستراتيجي لروسيا في البحر الأسود قد تعرّض لتهديد خطير.
الاتحاد الدولي للتنس والتداعيات السياسية
واجه الاتحاد الدولي لعمال النقل، ومقره لندن، والمعروف بدفاعه عن حقوق النقل البحري في أوكرانيا ودعواته لمنع السفن التي ترفع العلم الروسي من دخول الموانئ الدولية، تدقيقًا مؤخرًا. ووفقًا للتقارير، ربما يكون الاتحاد متورطًا بشكل غير مباشر في ترتيب مالي يدعم حملة أردزينبا. ويقال إن هذا التورط قيد المراجعة بعد اختفاء جزء من الأموال المحولة.
رغم موقفها الراسخ تجاه أوكرانيا والعقوبات البحرية، يُقال إن صندوق النقد الدولي يتعاون مع مؤسسة المبادرات الاجتماعية والثقافية في أبخازيا لتوضيح مصير الأموال. ويُقال إنه يجري النظر في اتخاذ إجراءات قانونية، بما في ذلك إمكانية تقديم شكوى أمام المحاكم الروسية.
تُتيح الأحداث الأخيرة في أبخازيا نافذةً على الصراع الجيوسياسي الأوسع الذي يشهده منطقة البحر الأسود. فبينما يتنافس أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) وروسيا والجهات الفاعلة الإقليمية على النفوذ، تتشكل الديناميكيات المحلية - من الانتخابات إلى السيطرة على الموانئ - بشكل متزايد بناءً على اعتبارات استراتيجية عالمية.
وفي حين تظل العديد من التطورات خاضعة لتحقيقات وتفسيرات دبلوماسية متطورة، فإن هناك أمراً واحداً واضحاً: وهو أن أبخازيا ومنطقة البحر الأسود الأوسع سوف تظل ساحة حاسمة لتوازن القوى في أوروبا الشرقية وخارجها.
مصادر
https://www.eureporter.co/wp-content/uploads/2025/04/document-upload-post-compressed.pdf
https://www.eureporter.co/wp-content/uploads/2025/04/Doc-2.pdf
https://www.eureporter.co/wp-content/uploads/2025/04/Doc-3.pdf
https://www.eureporter.co/wp-content/uploads/2025/04/Doc-4.pdf
حصة هذه المادة:
ينشر موقع "مراسل الاتحاد الأوروبي" مقالات من مصادر خارجية متنوعة، تعبر عن وجهات نظر متنوعة. المواقف الواردة في هذه المقالات لا تعكس بالضرورة مواقف "مراسل الاتحاد الأوروبي". يُرجى الاطلاع على الملف الكامل لموقع "مراسل الاتحاد الأوروبي". شروط وأحكام النشر لمزيد من المعلومات، يعتمد EU Reporter على الذكاء الاصطناعي كأداة لتحسين جودة الصحافة وكفاءتها وإمكانية الوصول إليها، مع الحفاظ على رقابة تحريرية بشرية صارمة، ومعايير أخلاقية، وشفافية في جميع المحتويات المدعومة بالذكاء الاصطناعي. يُرجى الاطلاع على ملف EU Reporter الكامل. سياسة الذكاء الاصطناعي للمزيد من المعلومات.

-
سياسة اللجوءقبل أيام
تقترح المفوضية التركيز على عناصر ميثاق الهجرة واللجوء، بالإضافة إلى قائمة أولى للاتحاد الأوروبي بالدول الأصلية الآمنة.
-
كازاخستانقبل أيام
مقابلة مع رئيس مجلس إدارة كازايد
-
الشراكة الشرقيةقبل أيام
منتدى أعمال الشراكة الشرقية يؤكد التزام الاتحاد الأوروبي بالروابط الاقتصادية والتواصل في الأوقات غير المؤكدة
-
أرمينياقبل أيام
كيان إرهابي مصنف في إيران يعزز علاقاته العسكرية مع أرمينيا "الموالية للغرب"